ام الشهداء : عفراء بنت عبيد الانصاريه
هى
أم الشهداء, ورحم الأبطال, ومدرسة تخرج فيها رجال صدقوا ما عاهدوا الله
عليه, فجاهدوا في الله حق جهاده, وضربوا فى البطولة أروع الأمثال. صحابية
سيرتها تحكى عظمة الصحابيات وحب الله ورسوله صلى الله عليه وعليهن وسلم،
ذلك الحب الذى ملأ قلوبهن وهان كل شئ فيه. لها خصيصة لا توجد لغيرها وهي
أنها تزوجت بعد الحارث البكير بن ياليل الليثي فولدت له أربعة إياساً
وعاقلاً وخالداً وعامراً وكلهم شهدوا بدراً وكذلك إخوتهم لأمهم بنو الحارث
فانتظم من هذا أنها امرأة صحابية لها سبعة أولاد شهدوا كلهم بدراً مع النبي
صلى الله عليه وآله وسلم. وكأني بأم الشهداء السبعة تتمنى من أعماق قلبها
أن يكون لها من الولد الكثير والكثير, فيموتوا في سبيل الله حباً فى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ورغبة فى ثواب الله العظيم, فهى امرأة آمنت بالله
وزادها الله هدى وآتاها تقواها, فجعلت الآخرة مبلغ همها ومنتهى بغيتها,
فكان منها ما حكاه أصحاب السير عنها خلق فاضل, وكمال وافر, وسلوك نبيل,
وعقل راجح وحكمة سامية وبطولة نادرة وإيمان راسخة ويقين صادق, وعمل مبرور,
وسعى مشكور.
إنها سيدتى وحبيبتى:
عفراء الأنصارية
نسبها رضى الله عنها:عفراء بنت عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن
غنم بن مالك بن النجار. وأمها الرعاة بنت عدي بن سواد بن مالك بن غنم بن
مالك بن النجار. وهى والدة معاذ ومعوذ وعوف بنى الحارث يُقال لكل منهم بن
عفراء وكلهم من الأنصار. ذكرها بن حبيب فى المبايعات.
أزواجها وأولادها:
تزوجها الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن
النجار فولدت له معاذاً، ومعوذاً، وعوفاً شهدوا بدراً. ثم تزوجت بعده رجلاً
بمكة: البكير بن يا ليل الليثى فولدت له أربعة: إياساً، وعاقلاً، وخالداً،
وعامراً . قال ابن الكلبى: قُتل معاذ ومعوذ يومئذ ـ يعني يوم بدر ـ فجاءت
أمهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت لعوف ابنها: يا رسول الله،
هذا شر بني. فقال: (لا). ولم يعقب معاذ ومعوذ، وإنما الولد لعوف. قال غير
الكلبي: إن معاذاً لم يُقتل يوم ببدر، والله أعلم. وبايعت أمه النبي صلى
الله عليه وآله وسلم. قاله ابن حبيب. وقال ابن سعد: قال ابن الكلبي: قتل
معاذ ومعوذ فجاءت أمهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول
الله، هذا [شر] بني عوف بن الحرث فقال: لا، قال ابن الأثير: لم يوافق ابن
الكلبي على قوله أن معاذاً قتل ببدر.
ما قِيل فى نسبها: قال العسقلانى: عفراء بنت
عبيدة بن ثعلبة بن سواد بن غنم ويقال ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن
مالك بن النجار. قال ابن هشام: عفراء بنت عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة
بن غنم بن مالك بن النجار ، ويُقال رفاعة ابن الحارث بن سواد. قال ابن
إسحاق: والنعمان بن عمرو بن رفاعة بن سواد ويقال نعيمان فيما قال ابن هشام.
قال ابن إسحاق وعامر بن مخلد بن الحارث بن سواد، وعبد الله بن قيس بن خالد
بن خلدة بن سواد وعصيمة حليف لهم من أشجع ووديعة بن عمرو، حليف لهم من
جهينة; وثابت بن عمرو بن زيد بن عدي بن سواد وزعموا أن أبا الحمراء مولى
الحارث بن عفراء، قد شهد بدراً. عشرة نفر. قال ابن هشام: أبو الحمراء مولى
الحارث بن رفاعة. وقال ابن الأثير: عفراء بنت عبيد بن ثعلبة بن سواد بن غنم
بن مالك بن النجار الأنصارية.
إسلامها:أسلمت عفراء وبايعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم على السمع والطاعة, وأخلصت لله في القول والعمل, ووهبت
أولادها للجهاد فى سبيل الله.
لقب أم الشهداء:
وعفراء هذه لها خصيصة لا توجد لغيرها وهى أنها لها سبعة أبناء وكلهم شهدوا
بدراً مسلمين, مع النبى صلى الله عليه وسلم قُتََل اثنان منهم عدو الله
أبو جهل وماتا شهيدين يومها !!!! واستشهد خالد يوم الرجيع, وعامر يوم بئر
معونة, وإياس يوم اليمامة, فقد دفعتهم جميعاً إلى ساحات القتال واحتسبتهم
عند الله عزّ وجل وأسهمت معهم فى هذه الميادين بجهد مشكور , فكانت تقوم
بخدمة المجاهدين بكل ما وسعها من جهد, شأنها فى ذلك شأن مثيلاتها من
المؤمنات اللاتى خلّد التاريخ ذكراهن فى أنصع صفحاته. وسعدت عفراء أم
الشهداء السبعة بأولادها أحياء وأمواتاً, إذ قدمتهم لله عز وجل فدفعت بهم
وهى معهم إلى ساحات القتال, فكلما سقط واحد منهم فرحت باستشهاده فرحاً
مشوباً بالحزن على فراقه, شأنها فى الحزن شأن الأمهات بوصفهن ينبوع الحنان
والرحمة. وشأنها فى الفرح شأن العارفين بالله, الذين يدخرون للدار الآخرة
كل ما ملكوه وما عملوه وما كانوا سبباً فى نتاجه أو إنجابه ابتغاء مرضاة
الله عزّ وجل. وكان من الحزن والفرح فى مثل هذه المواطن محمود على كل حال.
وعن إستشهاد إبنى عفراء يروي البخاري رحمه الله فى صحيحه عن عبد الرحمن بن
عوف رضى الله عنه قال: إنى لفى الصف يوم بدر إذ إلتفت فإذا عن يمينى وعن
يساري فتيان حديثى السن، فكأنى لم آمن بمكانهما، إذ قال لى أحدهما سراً من
صاحبه: ياعم أرنى أبا جهل ! فقلت: ماتصنع به ؟ قال: عاهدت الله أن أقتله أو
أموت دونه. وقال الآخر لى سراً من صاحبه مثله. قال: فما سرنى أننى بين
رجلين مكانهما. فأشرت لهما إليه، فشدا مثل الصقرين حتى ضرباه {الصقرين مثنى
صقر، وهو من سباع الطير و أحد الجوارح الأربعة وهى الصقر، والبازى،
والشاهين، والعقاب وشبههما به لِما أشتهر عنه من الشجاعة والشهامة والإقدام
على الصيد ولأنه إذا تشبث بشئ لم يفارقه حتى يأخذه}، وهما إبنا عفراء.
ويكمل أنس بن مالك القصة فيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ
ينظر ماذا صنع أبو جهل) ؟ قال عبد الله بن مسعود: أنا يارسول الله. فاتطلق،
فوجده قد ضربه إبنا عفراء حتى برك. قال فأخذ بلحيته قال فقلت: أبو جهل ؟
فقال: وهل فوقه رجل قتلتموه ! ثم أجهز عليه إبن مسعود وفصل رأسه وأتى بها
إلى النبى صلى الله عليه وسلم. قال: (الله الذي لا إله إلا هو -ثلاثاً-
الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله، هذا فرعون هذه الأمة). ووقف رسول الله
صلى الله عليه وسلم على مصرع ابنى عفراء فقال: (رحم الله ابنى عفراء فهما
شركاء فى قتل فرعون هذه الأمة ورأس الكفر). فقِيل يارسول الله: ومَنْ قتله
معهما ؟ قال: (الملائكة وإبن مسعود قد شارك في قتله). وفى رواية أخرى قال
عبد الرحمن بن عوف لإبن عفراء عندما سأله عن ابو جهل: وما حاجتك إليه ؟
قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسى بيده لئن
رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا !!!!!. فتعجبت لذلك
أنظروا لهذه القدوة المؤمنة !! لم تأتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم
عندما استشهد إبناها مولولة، شاكية، باكية تندب حظها وحرمانها من كبدة
فلذها، ولم تنوح وتعدد صفاتهما ولكنها أتت صابرة فرحة قلقة من أن يكون هما
فقط الشهداء من أبناءها !!! لله درك يا أم الشهداء. لقد أكرمك ربك وجعل كل
عُقبك من الشهداء. إننا نتعلم من هذه الأم المؤمنة كيف نغرس فى نفوس
أبنائنا حب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، وحب الجهاد والتضحية والجود
والكرم, والبذل والشجاعة والإقدام, حتى يخرج الأبناء للحياة, وهم أصحاب همة
عالية, وفكر راق وعزيمة قوية
السلام عليكِ يا أم شهداء الله ورسوله صلى الله عليه وعليكِ وعلى أبنائك وسلم..