وجه الجيش السوري الحر، أمس، ضربة شديدة إلى نظام الرئيس السوري بشار
الأسد، باستهداف «خلية إدارة الأزمة»، خلال اجتماعها في مقر الأمن القومي
وسط دمشق، بتفجير انتحاري أسفر عن مقتل رئيس الخلية معاون نائب رئيس
الجمهورية العماد حسن تركماني، ووزير الدفاع العماد داوود راجحة، ونائبه
صهر الرئيس السوري العماد آصف شوكت، ووزير الداخلية محمد الشعار. فيما سارع
الأسد إلى تعيين رئيس الأركان العماد فهد جاسم الفريج وزيرا للدفاع، بينما
أكد الجيش السوري النظامي أن التفجير يزيده إصرارا على مكافحة الإرهاب. في
حين قال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، إن وزراء
الخارجية العرب سيعقدون اجتماعا طارئا، الأحد المقبل، في الدوحة، عقب
التفجير الذي وصفه بأنه «تطور مؤثر»، سارعت الدول الغربية إلى المطالبة
بتبني قرار في الأمم المتحدة تحت الفصل السابع، لحل الأزمة في سورية.
وفجر انتحاري نفسه، أمس، في قاعة كان يجتمع قيها عدد من الوزراء والقادة
الأمنيين، في مبنى الأمن القومي وسط دمشق، ما أسفر عن مقتل وزير الدفاع
ونائبه ورئيس خلية الأزمة ووزير الداخلية، وإصابة رئيس مكتب الأمن القومي
هشام الاختيار.
وتبنى الجيش السوري الحر عملية التفجير. وقالت القيادة المشتركة للجيش
السوري الحر في الداخل، في بيان، إنها «تزف مع مكتب التنسيق والارتباط
والمجالس العسكرية كافة، في المدن والمحافظات السورية لشعب سورية العظيم،
نجاح العملية النوعية صباح هذا اليوم (أمس)، التي استهدفت مقر قيادة الأمن
القومي في دمشق، ومقتل العديد من أركان العصابة الأسدية». وأضافت أن
«القيادة تؤكد أن هذه العملية النوعية، ضمن خطة بركان دمشق ـ زلزال سورية،
ما هي إلا محطة البداية لسلسلة طويلة من العمليات النوعية والكبيرة، على
طريق إسقاط الأسد ونظامه بكل أركانه ورموزه».
وكان الجيش الحر أعطى في 13 يوليو الجاري «أركان النظام كافة، من مدنيين
وعسكريين ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء، مهلة أقصاها نهاية الشهر
الجاري، للانشقاق الفوري والمعلن، وإلا سيكونون تحت دائرة الاستهداف
المباشر، ويدرككم الموت حتى ولو كنتم في بروج محصنة».
وأعلن الجيش الحر، أول من أمس، «بدء معركة تحرير دمشق»، داعيا إلى توقع «مفاجآت قريبة».
وجدد الجيش الحر، في بيانه، تذكير «أركان النظام من مدنيين وعسكريين»
بـ«ضرورة الإسراع في الانشقاق والالتحاق بصفوف الشعب وثورته المجيدة، في
موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري»، وإلا سيكون مصيرهم كالذين قتلوا أمس.
من جهته، أكد الجيش السوري النظامي أن تفجير دمشق «يزيده إصرارا على مكافحة الإرهاب».
وجاء في بيان، صادر من القيادة العامة للقوات المسلحة، بثه التلفزيون
السوري، أن «رجال القوات المسلحة لن يزيدهم هذا العمل الإرهابي الجبان، إلا
إصرارا على تطهير الوطن من فلول العصابات الإرهابية المسلحة، والحفاظ على
كرامة سورية، وسيادة قرارها الوطني المستقل».
وأضاف «إن كان هناك من يظن أنه باستهداف بعض القادة، يستطيع ليّ ذراع
سورية هو واهم، لأن سورية شعبا وجيشا وقيادة، هي اليوم أكثر تصميما على
التصدي للارهاب بأشكاله كافة، وعلى بتر كل يد يفكر صاحبها في المساس بأمن
الوطن». أما وزير الاعلام السوري عمران الزعبي، فأكد أن ما حدث هو «الفصل
الأخير من المؤامرة الأميركية الغربية الإسرائيلية ضد سورية».
واعتبر، في حديث بثه التلفزيون السوري الرسمي، أن التفجير «يعبر عن شعور
أعداء سورية بالعجز والإحباط، تجاه قوة الجيش العربي السوري، وتماسكه بعد
أن فشل الإرهابيون وداعموهم في ضرب وحدة هذا الجيش المتماسك، بعقيدته
وعتاده وعدته».
وحمّل الزعبي مسؤولية هذه «الجريمة الإرهابية» لكل الدول التي أرسلت
«المال والسلاح إلى سورية»، متهما إياها كذلك «بسفك كل نقطة دم، أهدرت على
الأرض السورية».
في سياق متصل، أعلن نبيل العربي أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون
اجتماعا طارئا، الأحد المقبل، في الدوحة، لبحث الأوضاع في سورية عقب «تفجير
دمشق». وقال للصحافيين إن تفجير دمشق «تطور مؤثر في مسار الأحداث التي
تشهدها سورية»، مضيفا «حذرت مرارا من أن العنف يولد دائما عنفا مضادا».
وأكد أن «المخرج الآمن الوحيد من الأزمة، يتمثل في التجاوب الفوري مع
المطالب المشروعة للشعب السوري، في الانتقال السلمي إلى نظام ديمقراطي
سليم، يحقق للشعب السوري الحرية والعزة والكرامة».
من جهتها، وصفت روسيا التفجير بأنه «إرهابي»، وطالبت باعتقال من يقفون
وراءه ومعاقبتهم. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان «نتوقع التعرف إلى
منظمي هذا العمل الارهابي في دمشق، وأن يواجهوا العقاب الذي يستحقونه».
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعلن في وقت سابق أمس، أن
موسكو لن تسمح لمجلس الأمن الدولي بإصدار قرار، يؤدي إلى دعم الأمم المتحدة
تحت فصل «ثورة» في سورية، مؤكدا أن المعارضة أعلنت عن معارك «حاسمة» في
هذا البلد.
وقال لافروف أمام صحافيين، على هامش لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، «بدلا من السعي لتهدئة
المعارضة، يحث بعض الشركاء (على الساحة الدولية) على استمرار التصعيد».
وأضاف «الآن أطلق ما يسمى بركان دمشق، وعملية معركة دمشق، ومعركة حاسمة».
وقال في هذا الإطار، إن «تبني مشروع القرار (الغربي)، سيكون بمثابة تقديم
دعم مباشر إلى حركة ثورية، ومتى تعلق الأمر بثورة فلا علاقة للامم المتحدة
بالأمر».
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، إن «العملية الانتحارية»، التي
أسفرت عن مقتل عدد من كبار المسؤولين الأمنيين السوريين، تثبت الحاجة إلى
«قرار دولي، لإنهاء الأزمة تحت الفصل السابع»، الذي يجيز استخدام القوة.
أما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، فشددت على ضرورة استصدار قرار عاجل حول سورية، عن مجلس الأمن الدولي بعد تفجير دمشق.
وقالت ميركل، في مؤتمر صحافي مع رئيسة وزراء تايلاند ينغلوك شيناواترا،
«إن هذا يثبت أن تبني الأمم المتحدة قرارا جديدا ضرورة عاجلة».
وفي باريس، دان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس«الإرهاب» بعد تفجير دمشق، داعيا إلى «ضرورة حصول انتقال سياسي» في سورية.
إلى ذلك، أعلن وزيرا الدفاع الأميركي ليون بانيتا، والبريطاني فيليب
هاموند في مؤتمر صحافي بالبنتاغون، أن الوضع في سورية ـ حيث وصلت المعارك
إلى العاصمة دمشق ـ «يخرج عن السيطرة».
وقال بانيتا «إنه وضع يصبح سريعا خارجا عن السيطرة، لهذا السبب من المهم
جدا العمل مع الدول الأخرى، التي تشاطر هذا القلق، بهدف ممارسة أكبر قدر
ممكن من الضغط على الأسد، لكي يتنحى ويتيح حصول انتقال سلمي».
من جهته، قال نظيره البريطاني، إنه يشاطر بانيتا وجهة نظره.
وفي نيويورك، قرر مجلس الأمن الدولي، أمس، تأجيل التصويت على قرار أعدته
دول غربية، ويدعو إلى فرض عقوبات على سورية، بناء على طلب تقدم به مبعوث
جامعة الدول العربية والأمم المتحدة إلى سورية كوفي أنان.
وقال السفير البريطاني في الأمم المتحدة مارك ليال غرانت، الذي ترأست
بلاده صياغة قرار العقوبات، بعد محادثات بين قوى كبرى «سنصوت على مسودة
القرار صباح الغد (اليوم)».