وصفوها بحكومة (الخناق) وقالوا إنها تسير على خطى النظام السابق، موجة
سخط واحتجاجات غاضبة واستياء شعبي كبير من حكومة الوفاق الوطني، والتي يرى
فيها كثير من المواطنين وجهاً آخر لرموز الفساد من أسلافهم وإن اختلفت
الأشكال وتغيرت المسميات، ففي محافظة عدن توالت ردود الاحتجاجات الغاضبة
جراء تردي أوضاع الكهرباء التي أضحت شبه غائبة عن منازل عدن شأنها شأن
المياه التي هي أيضاً تكاد تكون معدومة، الأمر الذي أفقد المواطن صوابه بعد
نفاد صبره وبصيرته في ظل تراكم الأزمات وغياب الخدمات الأساسية ليأتي
الانفلات الأمني ويجهز على ما تبقى من أمل في حكومة لم تقدم حتى اللحظة سوى
الوعود.
"أخبار اليوم" رصدت جانباً من هموم المواطنين في رمضان بعدن، فإلى الحصيلة:
قبيل دخول شهر رمضان بوقت قليل فزعت عدن على دوي انفجار سيارة بعبوة
ناسفة في مدينة القاهرة، أسفرت عن استشهاد العقيد/ عبدالله الموزعي – قائد
المنطقة الثامنة- مدينتي الشعب والبريقة، بعد مرور قرابة شهر من استشهاد
قائد المنطقة الجنوبية اللواء/ سالم قطن بواسطة انتحاري في مديرية
المنصورة، لتكشف لنا الأجهزة الأمنية مؤخراً إبطالها عبوات ناسفة في نواحي
متفرقة في محافظة عدن، لتؤكد مدى انهيار الاستقرار الذي انعكس أثره على
المواطن والذي لم يشهد أي تحسن في الخدمات الأساسية، سيما المياه والكهرباء
التي بلغت ذروتها في الانقطاعات المتكررة في شهر رمضان المتزامن مع فصل
الصيف دون أن يلمس المواطن أي معالجات جادة من قبل الحكومة رغم الوعود
والمساعدات التي حظيت بها من الدول المانحة.
غارقة في النفاق:
د. فضل علي عبدالله – رئيس المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق
والديمقراطية- اتهم حكومة الوفاق بممارسة سياسة العقاب الجماعي على أبناء
عدن بغرض إخضاع الجنوب – حد قوله- وأضاف: للأسف الشديد كنا نتوقع أن تشهد
عدن استقراراً أمنياً وحلولاً ومعالجات للخدمات الأساسية بعد رحيل النظام
السابق، لكن يبدو أن حكومة الوفاق لازالت غارقة في سباتها.. مستنكراً ما
أسماها بالممارسات غير إنسانية ولا وطنية تجاه المواطن الذي يعيش حالة صعبة
جراء انقطاع التيار الكهربائي، سيما في مدينة كعدن درجة حرارتها "45"
مئوية، ونسبة الرطوبة فيها 90% دون اعتبار لمعاناة الأطفال والشيوخ والمرضى
وفي شهر فضله الله على سائر الشهور بالرحمة والبر والإحسان.
وتابع د. فضل قائلاً: من العيب على حكومة تمارس هكذا سياسة ومن المعيب
على وزير الكهرباء ومحافظ عدن أن يتركا المولدات مرمية في حرم ميناء عدن في
الوقت الذي يتجرع المواطن الويلات.. متسائلاً: عن سبب تركها؟! مؤكداً أنه
تواصل مع اللجنة العمالية بميناء عدن وأبلغوه بأنه قد تم تفريغ الشحنات يوم
الأربعاء 18 يوليو.
وفي ختام حديثه أشار د. فضل إلى أنه تقدم بمقترحات وحلول إلى السلطة
المحلية، لكنها لم تجد تجاوباً.. مناشداً المنظمات الإنسانية التدخل لإنهاء
معاناة المواطنين.. وقال: نحن لم نعد نثق بحكومة الوفاق والتي تمارس
العنصرية ضد أبناء عدن والجنوب، لافتاً إلى أن الوحدة الوطنية لا يمكن
فرضها بسياسة العقاب الجماعي، بل من خلال توفير الخدمات الأساسية وتحقيق
الأمن والرخاء الاقتصادي.
تمخض فولد فأراً:
د. محمد حسين حلبوب – محاضر مادة الاستثمار والتمويل بجامعة عدن- وصف
الطاقة ا لإنتاجية للكهرباء في اليمن بالمخجلة جداً في انخفاضها، التي قال
بأنها لا تتعدى 850 ميجاوات مقارنة بعدد السكان، مشيراً إلى أن حكومة
الوفاق ملزمة أخلاقياً واقتصادياً وسياسياً بتوفير الطاقة حالياً من خلال
المعالجات المؤقتة التي قال بأنها قد توفرت للحكومة والمتمثلة في
الاتفاقيات التي تعتبر حلاً استراتيجياً، سيما وأن تكلفة الكيلووات الواحد
تساوي "3" سنت+ تكاليف الديزل، مشيراً إلى أن هذا حل مربح مقارنة بخسارة
الدولة حالياً على الكيلووات أكثر من 17 ريالاً بسبب الفساد والعمالة
السيئة.
وأضاف حلبوب: للأسف منذ عام 90 وحتى اليوم لم نر أي معالجات أو تطوير
للكهرباء وكل ما نسمعه فقط وعود، وعندما تمخض الجبل فولد فأراً - حسب
تعبيره.
ونوه بأن وزير الكهرباء لا يتحمل المسؤولية الكاملة، بل جزء منها،
واصفاً إياه بحديث العهد وقليل الخبرة وسريع التوتر والغضب ويفتقر للتعامل
الدبلوماسي مع الوضع الراهن.
وأشار حلبوب إلى أن سبب الانقطاعات المتكررة وممارسة الحكومة لتلك
السياسة مع أبناء عدن بسبب أن عدداً كبيراً منهم لا يزالون في إطار العصيان
المدني والكثير منهم لم يسدد فواتير الكهرباء، والتي قال بأن على الحكومة
توفيرها أولاً ثم متابعة سداد الفواتير، أما أن تظل الكهرباء غائبة عن
المنازل، فمن المعيب المطالبة بفواتير استهلاك ما هو معدوم أصلاً.. مشيراً
إلى أن الدول ليست المتقدمة بل حتى النامية لم تعد اليوم مسألة الكهرباء
عندها تشكل مشكلة والتي قال بأن بعض الدول صارت تحتفل بمرور قرن والبعض نصف
قرن بمناسبة عدم انطفاء الكهرباء.
الخيبة:
الأستاذ/ عبدالحكيم دادة – عضو مجلس محلي مديرية البريقة- من جهته قال:
مدينة عريقة كعدن سيما وأنها عاصمة اقتصادية يجب أن تحظى بأهمية كبيرة من
الحكومة التي كنا نأمل منها أن تجعل من عدن منطقة حرة بحق وحقيقة، لكن
للأسف الشديد وعلى ما يبدو أن عدن تعيش أسوأ مراحلها، سواء من حيث الخدمات
الأساسية أو من حالة الانفلات الأمني.
وأضاف دادة: عدن شهدت مؤخراً انفلاتاً أمنياً رهيباً لم يسبق أن عاشته
عدن في أسوأ الظروف وإذا لم يتحقق الأمن في أي مدينة من الطبيعي أن تختل
العملية التنموية، لافتاً إلى أن عدن تحتاج إلى قيادات أمنية قادرة على
إدارة الشؤون بالقانون والتعامل الإنساني.
وفيما يتعلق بأوضاع الكهرباء قال دادة: من المخزي أن دولة بحجم اليمن
لا توجد بها طاقة إنتاجية لا تصل إلى "1000" ميجاوات بينما دولة كجيبوتي
كانت طاقتها الإنتاجية من الكهرباء في عام 90م تصل إلى 1500 ميجاوات،
واليوم تجاوزت الثلاثة الآلاف، لافتاً إلى ضرورة تدارك الوضع ووضع معالجات
ودراسات مستقبلية.
المياه:
وحول إشكالية انقطاع المياه قال دادة: تصور أن منطقة فقم مديرية
البريقة يعاني الأهالي فيها من انقطاع المياه عن منازلهم منذ 3 أشهر، رغم
تبليغ الجهات المعنية ومتابعتنا المستمرة، إلا أنه لم يتم وضع حلول أو
معالجات، بل حتى أنهم لم يحددوا لنا سبب المشكلة سوى التحجج بالانقطاع
المتكرر للتيار الكهربائي الذي قالوا إنه أضعف عملية الضخ.
وطالب دادة السلطة ا لمحلية بالالتفات إلى معاناة الأسر والأطفال
والعجزة، سيما في شهر رمضان ومع اشتداد حرارة الصيف، مشيراً إلى أنه يجب
توفير مضخة لدفع الماء خصوصاً وأنه يصل إلى صمام فقم، لكنه يواجه من بعد
الصمام ارتفاعاً جبلياً، مشدداً على ضرورة إيصال الماء على الأقل إلى أقرب
نقطة، لأن المواطن يكفي أن يتحمل عذاب الكهرباء – حسب تعبيره.
الألم:
المواطنان رمزي عبدالله وجعفر عوض من منطقة فقم مديرية البريقة، أشارا
إلى صعوبة الحياة في ظل انقطاع المياه عن منازل فقم، ولفت رمزي إلى وجود
عجزة وأطفال وأرامل يعانون مشقة جلب الماء من مناطق أخرى في شهر رمضان،
مشيراً إلى أن الكمية التي يتم جلبها لا تغطي احتياج ساعات من نهار رمضان.
من جانبه قال جعفر عوض:هناك إهمال وتجاهل لمنطقة فقم من قبل مأمور
المديرية والمجلس المحلي دون استشعار لمعاناة الأهالي، وعبر "أخبار اليوم"
صحيفة المظلومين وناصرة المستضعفين نناشد المحافظ/ رشيد التدخل السريع
لإغاثة أهالينا ووضع حلول ومعالجات لشبكة مياه فقم التي لازالت من عهد
الانجليز.
من ناحيته أشار الأخ/ (س، ص) إلى أن إدارة المياه لم تتخذ أي إجراءات
ضد ممارسات أهالي كود قرو الذين عمدوا إلى كسر البيب الرئيسي المغذي لصلاح
الدين وفقم وبقي الماء مهدراً وقد يتعرض الأهالي إلى التسمم بسبب تركه
مفتوحاً.
نطالب بإغاثة دولية:
من جانبهما حمل الأخوان: علي دوبلة ورشدي هبوطي- حملا حكومة الوفاق
مسؤولية تدهور الأوضاع في البلاد عامة وعدن خاصة، وقال دوبلة: نطالب بإغاثة
دولية أما حكومة (الخناق) ما هي إلا جزء من بقايا النظام السابق، وهي أتت
لتسرق ثورة الشباب وتكمل ما تبقى من حياة للشعب.
أما هبوطي فقد أشار إلى أن حكومة الوفاق هي الوجه القبيح للنظام
السابق، ولكن بعد عملية التجميل.. وأضاف: عدن اليوم تحتضر بسبب غياب
الكهرباء والمياه والحكومة مشغولة بجمع المساعدات من الدول المانحة دون أن
تسخرها لخدمة الوطن، لافتاً إلى أن الجهات المختصة والسلطة المحلية في
مديرية البريقة بعيدة كل البعد عن معاناة أهالي فقم، الذين قال بأنه أهلكهم
العطش.. شاكراً مساعي عضو المجلس المحلي دادة والقاضي/ محمد سعيد في
المتابعة الجادة لتوفير الماء لفقم.